عرض المقال
جهاز فيروس سى بين التهوين والتهويل
2014-02-23 الأحد
كنت أول إعلامى حضر وتابع تجارب جهاز الـ«سى فاست» لتشخيص فيروس سى بديلاً عن تحليل الـ«بى سى آر»، وحاولت أن أفهم من خلال حلقة كاملة فى برنامجى من اللواء طاهر واللواء حمدى والعميد أحمد أمين ود. جمال شيحة طبيعة وطريقة عمل هذا الجهاز، وتابعت عرضه فى كافة المؤتمرات الطبية العالمية سواء الأوروبية أو الأمريكية أو الآسيوية وقرأت أغلب ما نُشر عنه فى المجلات الطبية العالمية، واحتفيت بهذا الإنجاز منذ أن كان جهازاً بمؤشر يشبه المسدس حتى شكله النهائى المطور الذى شاهدته فى مؤتمر أمستردام الأخير للكبد، هذه بداية مهمة حتى لا يزايد أحد ويقول إننى أريد ضرب كرسى فى الكلوب يقلل من إنجازات الجيش الهندسية، فبالفعل الجهاز التشخيصى يعد إنجازاً مهماً وتجسيداً لفلسفة كيف نخرج من أزمتنا بالتفكير خارج الصندوق، المهم أن نحترم خطوات المنهج العلمى وأسس الطب الحديث القائم على الدليل والذى لا بد أن تُنشر أبحاثه فى مجلات علمية معتبرة محكمة ويُعرض فى مؤتمرات عالمية يحضر فيها ويناقش أبحاثها أساطين الطب فى العالم، وهنا محور ومكمن اعتراضى على الجزء العلاجى الذى أُعلن فى المؤتمر الصحفى والذى كان لا بد أن يتبع نفس الخطوات التى مر بها جهاز التشخيص، فقد قيل إن الجهاز المسئول عن العلاج ظل سراً وأبحاثه جرت سراً، وتعليقى حتى نحافظ على المنهج العلمى فى التفكير والذى هو طوق النجاة الوحيد لدينا أن الطب الحديث لم تعد فيه أسرار خفية بل من الواجب والحتمى عرض الأبحاث العلمية فى مؤتمرات ونشرها فى مجلات علمية، لن تقول أسرار تصنيع الجهاز فهذا من حقك لكن من واجبك ولن يُعترف به علمياً إلا إذا عرضت نتائج أبحاثك على المرضى ونسبة نجاحها وأعراضها الجانبية ومقارنتها بفاعلية العلاجات الموجودة... إلخ، لذلك أطالب اللواء طاهر قائد الهيئة الهندسية، وهو شخص يجيد سماع الرأى الآخر، بأن يؤجل إعلان جهاز العلاج حتى يرسله للجنة تقييم جامعية ويأخذ مساره الطبيعى فى المجلات والمؤتمرات من أخذ ورد وتمحيص وحتى نقد وهجوم حتى يصمد ويثبت نجاحه، فهكذا العلم، لا مقدسات أمامه ولا ينفع معه التهوين أو التهويل، لا تنفع إلا صرامة العلم وصدقه واحتماله للجدل وصموده أمام التكذيب والنقد والتشكيك أيضاً حتى يثبت صحته وقدرته على الحياة والاستمرار والصمود وحتى نرسل رسالة لكل المؤسسات الأخرى فى المجتمع أن تحذو وتتبع نفس الخطوات فى احترام فلسفة العلم التى لا مكان فيها إلا للحقائق ولا قداسة فيها إلا للتجارب.